يأتي كتاب “مت وأنت خالي الجيوب” (Die with Zero) من تأليف رجل الأعمال والمستثمر الأمريكي بيل بيركنز، ليطرح واحدة من أكثر الأفكار ثورية وجدلية في عالم المال: الهدف ليس أن تموت غنيًا، بل أن تعيش غنيًا. بمعنى آخر، أن تستخدم مالك لتعيش أفضل حياة ممكنة، لا أن تكدسه إلى آخر لحظة من عمرك.
في هذا الملخص المفصّل من موقع اقتصاد، نستعرض أهم الدروس والمبادئ التي يطرحها الكتاب، والتي يمكن أن تغير نظرتك للثروة، وتساعدك على الموازنة بين الاستمتاع بالحياة والتخطيط للمستقبل.
المحتويات
1- المال وسيلة لا غاية
الفكرة الجوهرية في كتاب “مت وأنت خالي الجيوب” هي أن المال ليس هدفًا في حد ذاته، بل هو أداة لتحقيق التجارب والذكريات والراحة. كثيرون يقضون حياتهم في جمع المال، لكنهم لا يستمتعون به فعليًا، إما بدافع الخوف أو الطمع أو التأجيل المستمر.
بيركنز يرى أن المشكلة ليست في أن الناس لا يملكون ما يكفي من المال، بل في أنهم لا يعرفون كيف ينفقونه في الوقت المناسب. فكل مرحلة عمرية لها نوع معين من المتعة لا يمكن استرجاعه لاحقًا، لذلك يجب أن يُنفق المال بحكمة تتناسب مع الوقت والعمر.
2- لا تؤجل الاستمتاع بالحياة
أحد أكثر الأخطاء شيوعًا أن نؤجل المتعة والراحة إلى ما بعد التقاعد. يُجادل بيركنز بأن هذا التأجيل يُفوّت على الإنسان سنوات من الطاقة والشغف لا يمكن تعويضها لاحقًا. فأن تسافر في العشرينات غير أن تسافر في السبعين. وأن تتسلق الجبال أو تجرب مغامرات جديدة في شبابك أفضل من تأجيلها لحين لا يسمح به الجسد أو الصحة.
المال يُفترض أن يُستخدم في صناعة الذكريات، وكلما صنعت تجارب أقوى في شبابك، كلما كانت حياتك أكثر ثراءً نفسيًا وذهنيًا. الفكرة ببساطة: لا تنتظر اللحظة المثالية، بل استثمر في تجاربك الآن.
3- الذكريات أهم من الممتلكات
بيركنز يفرّق بين نوعين من الإنفاق:
- إنفاق يشتري ممتلكات: كسيارة، أو منزل، أو ملابس.
- إنفاق يصنع ذكريات: مثل السفر، الوقت مع الأحباب، التجارب الفريدة.
يرى الكاتب أن الذكريات تدوم في الوجدان أكثر من أي شيء آخر، وتؤثر على سعادتك بشكل أعمق. بينما تفقد الممتلكات قيمتها بمرور الوقت، تزداد الذكريات قيمة وتأثيرًا. لذلك، يدعو إلى تحويل المال إلى تجارب لا إلى أشياء.
4- لكل عمر طريقة مثلى للإنفاق
واحدة من أعمق أفكار الكتاب هي أن كل مرحلة من حياتك تحتاج إلى نمط مختلف في استخدام المال. ما تستمتع به في الثلاثين، لن تستمتع به بالقدر نفسه في السبعين.
- في العشرينات والثلاثينات: استثمر في السفر، التجارب الجديدة، بناء العلاقات.
- في الأربعينات والخمسينات: ركّز على الصحة، التوازن بين العمل والحياة، تأسيس مشروع أو هدف شخصي.
- في الستينات وما بعدها: الإنفاق يصبح أكثر ارتباطًا بالراحة، الرعاية الصحية، ومشاركة الوقت مع العائلة.
وبالتالي، كل دولار تنفقه في الوقت المناسب يعادل أضعاف قيمته لاحقًا.
5- لا تورّث المال بل تورّث القيم والتجارب
يُشجع بيركنز على عدم ترك ثروات ضخمة للأبناء بعد الوفاة، بل يفضل أن يتم منحهم المال في الوقت المناسب من حياتهم ليستفيدوا منه حقًا، سواء في التعليم، أو تأسيس حياتهم، أو السفر، أو بدء مشروع.
الكاتب يرى أن المال الذي يصل إلى الأبناء في عمر متقدم قد لا يكون له نفس الأثر الذي كان يمكن أن يصنعه لو وصلهم في العشرينات أو الثلاثينات. لذا، التوقيت مرة أخرى هو مفتاح التأثير الحقيقي.
6- خطط للمال بناءً على الوقت المتوقع للحياة
من الأفكار المثيرة في الكتاب أن تخطط لإنفاق أموالك بناءً على كم تبقّى لك من الحياة، وليس كم لديك من المال. بمعنى: لا فائدة من ملايين الدولارات التي تُنفق في آخر خمس سنوات من عمرك، حين لا تكون قادرًا جسديًا أو نفسيًا على الاستمتاع بها.
يدعو بيركنز إلى ما يُشبه “خطة حياة مالية”، يتم فيها تقدير متوسط العمر المتوقع، وتوزيع المال على مراحل الحياة المختلفة، مع الحفاظ على حد أدنى للأمان المالي، ولكن دون إسراف في الادخار الذي يحرمك من لحظات تستحق أن تُعاش بكاملها.
7- الثروة الحقيقية هي الحياة التي تُعاش بالكامل
“مت وأنت خالي الجيوب” لا يعني أن تُنفق كل ما لديك بتهور، بل يعني أن تستخدم مالك في خدمة حياتك، لا أن تستخدم حياتك في خدمة المال. أن تبني ذكريات وتجارب وروابط إنسانية، لا مجرد رصيد بنكي يتضخم كل عام دون معنى.
الثروة الحقيقية ليست في الرقم الذي تملكه، بل في عدد اللحظات التي عشتها بكثافة وسعادة وامتلاء. لذلك، إذا كان لديك المال ولكن ليس لديك وقت، أو إذا كان لديك الوقت ولكنك لا تعرف كيف تستفيد منه، فأنت في حاجة لإعادة ترتيب أولوياتك.
خلاصة الكتاب في سطر
عِش الحياة كاملة، واستثمر مالك في الذكريات والتجارب، لا في الادخار المؤجل بلا معنى. الهدف ليس أن تموت بثروة، بل أن تموت وأنت قد استثمرت كل ما لديك في عيش حياة تستحق أن تُروى.