يوسف علي موسليام، رجل الأعمال الهندي الذي بنى إمبراطورية تجزئة ضخمة انطلقت من الخليج إلى العالم.
مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة اللولو العالمية، التي تُعد اليوم من أكبر سلاسل الهايبر ماركت في الشرق الأوسط وآسيا.
بدأ من وظيفة بسيطة في أبوظبي، واليوم يدير شبكة ضخمة تضم أكثر من 250 فرعًا في عشرات الدول، ويوظف أكثر من 65 ألف موظف، بثروة تقدّر بمليارات الدولارات.
في هذا المقال من موقع اقتصاد، نستعرض 9 دروس عملية من مسيرة يوسف علي، تساعدك على فهم أسرار النجاح في تجارة التجزئة، وبناء ثروة متينة من السوق… لا من الحظ.
1- ابدأ من السوق الحقيقي… لا من المكتب
حين وصل يوسف علي إلى الإمارات في سبعينيات القرن الماضي، لم يبدأ في المكاتب المكيفة، بل في الشارع، بين الناس، يراقب كيف يشترون، ماذا يفضلون، وكيف يتغير سلوكهم الاستهلاكي.
تعلم من السوق لا من الكتب، ومن احتكاكه اليومي بالعملاء، أدرك أن تجارة التجزئة لا تحتاج عبقرية… بل قربًا من الناس.
الفهم العميق للسوق هو الأساس الذي بنى عليه كل توسعاته لاحقًا، لأنه لم يفترض ما يريده الناس… بل استمع لهم جيدًا أولًا.
2- اجعل تجربتك مختلفة… لا أسعارك فقط
في زمن كانت المتاجر التقليدية تسيطر على السوق، قدم يوسف علي مفهوم “الهايبر ماركت” الحديث الذي يوفر كل شيء في مكان واحد.
لم ينافس على السعر فقط، بل على الراحة، التنوع، الجودة، وسهولة الشراء.
جعل التسوق تجربة، لا مجرد شراء، وهذا ما ميز اللولو عن غيره.
النجاح لا يأتي من نسخ ما يفعله الجميع… بل من تقديم تجربة لا ينساها العميل.
3- ابنِ نموذجًا يمكن تكراره
منذ افتتاح أول فرع، كان هدفه واضحًا: بناء نموذج عمل ناجح يمكن نسخه في كل مدينة.
لم يعتمد على فرع واحد كبير، بل على توسع مدروس، وفريق إداري قوي، وسلاسل إمداد مرنة.
وهكذا، تحولت “اللولو” من محل واحد إلى سلسلة منتشرة في الخليج، ثم في آسيا، وأفريقيا.
إذا كان مشروعك يعتمد عليك وحدك، فهو محدود. أما إذا كان نموذجك واضحًا… فيمكن أن يصبح عالميًا.
4- لا تتجاهل التفاصيل… فهي من تصنع الصورة الكبيرة
يوسف علي معروف بمتابعته الدقيقة لأدق التفاصيل: تصميم الأرفف، ترتيب المنتجات، جودة الخضروات، سلوك موظفي الكاشير.
كان يقول: “العميل قد يسامح السعر… لكنه لا ينسى الإهمال.”
هذه الدقة جعلت “اللولو” يحافظ على سمعته كمكان نظيف، منظم، ومرغوب، حتى بعد مئات الفروع.
في تجارة التجزئة، التفاصيل ليست كماليات… بل أساس الثقة.
5- اعرف الفروق الثقافية… ولبّها باحترام
بفضل تنقله بين الهند والإمارات، فهم يوسف علي أهمية احترام العادات والثقافات المحلية.
في كل فرع من فروع “اللولو”، يتم تخصيص أقسام تناسب الذوق المحلي: من التوابل، إلى اللحوم، إلى نوعية المنتجات.
كما عيّن موظفين من ثقافات مختلفة، لخلق بيئة ترحيبية لجميع الجنسيات.
النجاح في السوق لا يعني فرض هويتك… بل فهم ما يريده الآخرون وتقديمه بأفضل شكل.
6- لا تتوقف عند نجاحك الأول… بل ابدأ من جديد كل مرة
رغم نجاح اللولو في الإمارات، لم يكتفِ يوسف علي بذلك.
دخل السوق الهندي، ثم الإندونيسي، ثم الماليزي، وبدأ الاستثمار في مراكز تجارية ضخمة وفنادق، وحتى في الصناعات الغذائية.
كان يقول: “النجاح الحقيقي هو أن تبدأ من جديد… وأنت تعرف كيف تنجح.”
التوسع ليس مخاطرة… بل ضرورة لمن يفكر بعقلية القائد لا البائع.
7- ابنِ علاقة مع المجتمع… لا فقط مع العملاء
يوسف علي لم يكتفِ بالتجارة، بل أسس مشاريع خيرية في التعليم، والرعاية الصحية، ودعم العمالة.
شارك في مبادرات اجتماعية، وساهم في بناء مستشفيات ومدارس، سواء في الخليج أو الهند.
لذلك لا يُنظر إليه فقط كرجل أعمال… بل كرمز للثقة والعطاء.
الثروة التي تبنيها وحدك قد تُنسى… لكن ما تبنيه مع الناس يبقى طويلًا.
8- أدر أموالك… كأنك ما زلت في البداية
رغم ثروته، يُعرف يوسف علي بتواضعه، وانضباطه المالي، وحرصه الشديد على إدارة النفقات.
يؤمن أن النجاح لا يبرر الإسراف، وأن كل ريال يجب أن يُحسب، حتى في أكبر الشركات.
هذه العقلية جعلت مجموعة اللولو مستقرة حتى في الأزمات الاقتصادية.
من لا يحترم ماله الصغير… لن يحافظ على الكبير.
9- لا تنجح وحدك… ابنِ فريقًا يشاركك الرؤية
أكثر ما يميز اللولو هو الفريق الإداري الذي يقف خلفه: من مدير الفرع، إلى موظف الأمن، إلى المسؤول المالي.
يوسف علي بنى ولاءً حقيقيًا داخل الشركة، وكان يكرر دائمًا: “نجاحي ليس أنا… بل الفريق الذي عمل معي طوال الطريق.”
الثروة العظيمة لا تُبنى وحدك… بل بمن تثق بهم، ويثقون بك.
قصة يوسف علي ليست فقط قصة تاجر تفوق، بل قصة إنسان قرأ السوق بعين القلب، وعاش في الغربة كأنه في وطنه، وبنى من البساطة ثروة عالمية تتسع للجميع.
إذا كنت تبحث عن مثال حي على أن النجاح في التجارة يبدأ من الصدق والاجتهاد والرؤية… فلن تجد أفضل من هذا النموذج.
اترك تعليقاً