لاري إليسون، مؤسس شركة Oracle العملاقة، لم يكن مبرمجًا عاديًا، بل مهندسًا ثوريًا غيّر مفهوم قواعد البيانات في العالم.
بدأ من لا شيء، وانتهى إلى قائمة أغنى رجال الأعمال في العالم بثروة تتجاوز 100 مليار دولار.
لكنه لم يصل إلى هناك بالمصادفة، بل عبر رؤية حادة، وشخصية تنافسية لا تعرف التراجع، وقدرة استثنائية على تحويل التقنية إلى ثروة.
في هذا المقال من موقع اقتصاد، نستعرض 9 دروس من رحلة لاري إليسون، تصلح لكل من يسعى لبناء مشروع تقني يدوم، وثروة لا تهتز مع تغيرات السوق.
1- لا تكن الأذكى في الغرفة… بل الأكثر فضولًا
لاري إليسون لم يُكمل دراسته الجامعية، لكنه لم يتوقف عن التعلم أبدًا.
كان فضوله يدفعه للتجربة، للقراءة، للبرمجة، ولمعرفة كيف تعمل الأنظمة من الداخل.
بدأ حياته بتجارب متعددة، من وظائف بسيطة إلى شركات تقنية ناشئة، لكنه ظل يبحث عن الشيء الكبير الذي يمكن أن يُحدث فيه فرقًا حقيقيًا.
هذا الفضول هو ما جعله يدخل مجال قواعد البيانات حين لم يكن أحد يهتم به، ويحوّله إلى واحد من أكبر القطاعات التقنية في العالم.
2- ابحث عن سوق ضخم… بحل لا يراه الآخرون
الفرصة التي غيّرت حياة إليسون لم تكن في فكرة جديدة، بل في تقديم حل أكثر كفاءة لسوق ضخم موجود فعليًا: تخزين البيانات.
كانت المؤسسات تبحث عن طرق أسرع وأذكى لإدارة بياناتها، فجاءت Oracle لتقدم قاعدة بيانات تعتمد على لغة SQL بطريقة أكثر مرونة وأمانًا.
وفي وقت لم يكن أحد يتخيل أن قواعد البيانات يمكن أن تكون مجالًا ثريًا، حوّلها إليسون إلى صناعة تساوي مليارات.
إذا أردت أن تبني ثروة، لا تبتكر منتجًا بلا جمهور… بل قدّم حلاً لمشكلة مستمرة، بطريقة مختلفة.
3- السيطرة تبدأ من التكنولوجيا… لا من التسويق
رغم أن Oracle أصبحت اسمًا عالميًا، إلا أن نجاحها لم يكن نتيجة حملة تسويقية، بل نتيجة تفوقها التكنولوجي الحقيقي.
كان إليسون يؤمن أن بناء منتج أفضل من الموجود هو أساس الهيمنة على السوق.
لذلك ركز على تطوير تقنيات قوية، وربط الأنظمة ببعضها، وتقديم خدمات لا تستطيع الشركات الأخرى مجاراتها.
في السوق التقني، من يسيطر على التكنولوجيا يسيطر على المستقبل، حتى إن تأخر الاعتراف العام بنجاحه.
4- لا تهادن المنافسة… غيّر قواعدها
إليسون لم يكن ودودًا في منافسته مع شركات مثل IBM أو Microsoft.
بل دخل السوق بقوة، وواجه العمالقة بثقة، وقدم نفسه كبديل جادّ، بل وتفوق عليهم في قطاعات معينة.
كان يؤمن أن السوق لا يرحم من يتردد، وأن الهيمنة لا تأتي لمن ينتظر… بل لمن يهاجم أولًا.
الدرس؟ لا تخف من المنافسة… بل اصنع لنفسك موقعًا فيها لا يمكن تجاوزه.
5- ابنِ ثقافة صلبة… لا فقط شركة ناجحة
ما يميز Oracle أنها لم تكن شركة تبيع منتجًا واحدًا، بل مؤسسة لها ثقافة قوية في العمل، الأداء، الطموح، والمنافسة.
بنى إليسون فريقًا من الأشخاص المتفوقين، وغرس فيهم روح الصراع والنمو، وجعل من الإنجاز معيار البقاء داخل الشركة.
الثروة الحقيقية لا تأتي من منتج واحد ناجح، بل من مؤسسة قادرة على تكرار النجاح مرة بعد مرة.
6- لا تُخفِ شخصيتك… اجعلها جزءًا من علامتك
إليسون شخصية قوية، صريحة، تنافسية، ومثيرة للجدل أحيانًا.
لكنه لم يختبئ خلف قناع. كان واضحًا، حادًا، وطموحًا بلا حدود.
استخدم حضوره الشخصي كجزء من بناء صورة شركته، وجعل من نفسه رمزًا للجرأة والشجاعة في عالم التكنولوجيا.
في عالم البيزنس، لا تخف من أن تكون نفسك. لأن الناس لا تتبع فقط الشركات… بل القادة.
7- لا تُركّز على ما تملكه… بل على ما تبنيه باستمرار
رغم ثروته الهائلة، لم يتوقف إليسون عن التوسع والتطوير.
اشترى شركات صغيرة، استثمر في الأمن السحابي، ودخل الذكاء الاصطناعي، ولم يركن إلى ما بنته Oracle في الثمانينات والتسعينات.
كان يرى أن من يتوقف عن البناء… يبدأ في السقوط.
الثروة لا تُقاس بما تملك الآن… بل بقدرتك على خلق المزيد في المستقبل.
8- كن واضحًا في طموحك… حتى لو بدا جنونيًا
قال إليسون ذات مرة إنه لا يريد فقط أن يكون أفضل من منافسيه… بل أن يُقصيهم تمامًا من اللعبة.
كان يرى أن من لا يطمح للهيمنة، سيبقى في الظل.
هذه الجرأة في الطموح جعلت Oracle تتمدد من قواعد البيانات إلى الحوسبة السحابية، والأمن السيبراني، وتكامل الأنظمة.
في عالم الأعمال، الوضوح في الطموح يعطيك اتجاهًا لا يهتز.
9- لا تكتفِ بمنتج جيد… ابنِ منظومة كاملة
أدرك إليسون مبكرًا أن العملاء لا يبحثون فقط عن منتج جيد، بل عن منظومة متكاملة توفر لهم الحلول، والدعم، والتحديث، والأمان.
لذلك لم تكن Oracle مجرد برنامج، بل منصة شاملة لإدارة البيانات والأنظمة، تقدم قيمة طويلة الأجل للعملاء.
ومن خلال هذه الرؤية، حوّل منتجًا متخصصًا إلى بنية تحتية تعتمد عليها شركات العالم الكبرى.
لاري إليسون لم يبنِ شركته ليبيعها، ولم يصعد ليتقاعد مبكرًا، بل بنى إمبراطورية تقنية تواصل النمو رغم تقلبات السوق.
وإذا كنت تطمح لبناء ثروة تقنية حقيقية، فربما لا تحتاج إلى تقليد من سبقك… بل أن تفكر، وتقاتل، وتبني كما فعل هو.
اترك تعليقاً