محمد العبار، الذي عرفه العالم مؤسسًا لشركة إعمار العقارية ومشاريع ضخمة مثل برج خليفة ودبي مول، قرر بعد نجاحه في العقارات أن يدخل معركة جديدة تمامًا: عالم التجارة الإلكترونية.
فأسس منصة “نون”، لتكون المنافس العربي الأول أمام أمازون، وليثبت أن العالم الرقمي ليس حكرًا على الغرب.
اليوم، “نون” أصبحت منصة إقليمية كبرى تمتد من الخليج إلى مصر، وتخدم ملايين العملاء يوميًا.
في هذا المقال من موقع اقتصاد، نأخذ 9 دروس جوهرية من تجربة العبار الرقمية، مناسبة لكل من يريد بناء مشروع رقمي قوي، وثروة لا تتأثر بتغير الفروع… لأنها تنمو في العقول والهواتف.
المحتويات
- 1- لا تنتظر أن يتأخر الآخرون… نافسهم الآن
- 2- السوق الرقمي يحتاج رأس مال… ورأس فكر
- 3- لا تصنع نسخة عربية من الأجنبي… بل هوية تناسبنا
- 4- لا تدع العقبات التقنية تُرهبك… ابنِ فريقًا قويًا
- 5- التكنولوجيا وحدها لا تكفي… التجربة هي كل شيء
- 6- اجعل التوسع مدروسًا… لا استعجاليًا
- 7- استثمر في اللوجستيات كما تستثمر في الموقع
- 8- اجعل من مشروعك منصة تمكّن غيرك
- 9- لا تتوقف عند منتج ناجح… ابحث عن القطاعات القادمة
1- لا تنتظر أن يتأخر الآخرون… نافسهم الآن
حين كانت أمازون تتوسع في الشرق الأوسط، قرر العبار أن يواجه التحدي، لا أن يتفرج عليه.
أطلق “نون” برؤية واضحة: منصة عربية قوية تنافس عالميًا.
كان يعرف أن السوق يحتاج إلى لاعب محلي يفهم الجمهور، ويتحدث لغته، ويوظف الشباب العربي بدلًا من ترك السوق للشركات الأجنبية.
في الوقت الذي ترددت فيه الشركات الأخرى، بادر هو.
وهذا الدرس الأول: من يريد أن يكسب في السوق الرقمي… يجب أن يتحرك بسرعة، وبثقة.
2- السوق الرقمي يحتاج رأس مال… ورأس فكر
منذ اللحظة الأولى، ضخ العبار مئات الملايين في تأسيس “نون”، بالشراكة مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
لكنه لم يعتمد على المال فقط، بل على الرؤية.
أنشأ مراكز لوجستية، وبنى شبكة توصيل خاصة، واستثمر في التكنولوجيا، ووظف الكفاءات المحلية.
فهم أن التجارة الإلكترونية ليست فقط موقعًا إلكترونيًا… بل بنية تحتية متكاملة.
المال يفتح الباب… لكن العقل يبني الشركة.
3- لا تصنع نسخة عربية من الأجنبي… بل هوية تناسبنا
رغم أن “نون” تشبه أمازون من حيث الفكرة، إلا أن العبار أصرّ أن تكون للمنصة هوية عربية خالصة.
اختار اسمًا عربيًا بسيطًا، وبنى واجهة استخدام تناسب اللغة والثقافة، وأعطى أولوية للمنتجات المحلية.
كما دعم المشاريع الصغيرة والبائعين المحليين ليشاركوا في المنصة وينموا معها.
التقليد لا يصنع ولاءً… لكن الفهم العميق للهوية يصنع علامة تجارية قوية.
4- لا تدع العقبات التقنية تُرهبك… ابنِ فريقًا قويًا
العبار لم يكن خبيرًا في البرمجة أو الخوارزميات. لكنه أحاط نفسه بفريق من أمهر المتخصصين في التكنولوجيا، والتسويق الرقمي، والعمليات.
اعتمد على قادة يعرفون ماذا يفعلون، وأعطاهم المساحة للإبداع، والتجريب، واتخاذ القرار.
وهذا أحد أسرار نجاح “نون”: عقل إداري قوي… وتنفيذيون يعرفون طريقهم.
النجاح الرقمي لا يعتمد على شخص واحد… بل على فريق يفهم لغة السوق ولغة الكود.
5- التكنولوجيا وحدها لا تكفي… التجربة هي كل شيء
ركز العبار على تجربة المستخدم في “نون” كأولوية قصوى: من تصفح الموقع، إلى الدفع، إلى التوصيل، إلى خدمة ما بعد البيع.
كان يعلم أن الزبون في العالم الرقمي لا يصبر، ولا يعيد المحاولة… لذلك جعل كل تفصيلة محسوبة ومبسطة.
حتى طريقة تغليف المنتجات وتصميم التطبيق… كانت نتيجة دراسة وتجريب طويل.
من يفوز في تجربة المستخدم، يفوز في السوق.
6- اجعل التوسع مدروسًا… لا استعجاليًا
رغم النجاح السريع، لم يندفع العبار للتوسع العشوائي.
بل بدأ في السعودية، ثم الإمارات، ثم دخل مصر، بخطوات محسوبة.
اختبر السوق، بنى شبكة محلية، وفهم السلوك الشرائي في كل بلد.
ولم يعتمد على إعلان كبير… بل على خدمة ممتازة وانتشار بطيء لكن ثابت.
التوسع الرقمي لا يُقاس بعدد الدول… بل بجودة الحضور في كل سوق.
7- استثمر في اللوجستيات كما تستثمر في الموقع
العبار يعلم أن التجارة الإلكترونية تنهار إذا تأخر الطلب أو فشل التوصيل.
لذلك، أنشأ مخازن ذكية، وشراكات لوجستية، وشبكات توصيل سريعة ومرنة.
كان يؤمن أن نجاح الموقع يبدأ من المستودع… لا من الصفحة الأولى فقط.
من يتحكم في التوصيل، يتحكم في الولاء.
8- اجعل من مشروعك منصة تمكّن غيرك
“نون” لم تكن مجرد متجر، بل أصبحت منصة للباعة الصغار، والتجار المحليين، وروّاد الأعمال.
وفّرت أدوات بيع، وسّهلت عمليات الدفع، وقدّمت خدمات الإعلان، لتكون بيئة نمو لا مجرد قناة مبيعات.
وهذا هو جوهر المشاريع الرقمية العظيمة: أن تُكبر الآخرين… فتكبر أنت تلقائيًا.
حين تمكّن غيرك… تبني ثروة لا تُقاس بالوحدات المباعة فقط.
9- لا تتوقف عند منتج ناجح… ابحث عن القطاعات القادمة
اليوم، توسعت “نون” لتشمل قطاعات متعددة: نون دايلي للبقالة، نون فود، نون باي، وحتى نون أكاديمي للتعليم الرقمي.
العبرة هنا أن العبار لا يرى نون كمتجر فقط، بل كبوابة لحياة رقمية كاملة في العالم العربي.
ينظر لما بعد الشراء… ويفكر في الخدمات التي يحتاجها العميل في كل تفاصيل يومه.
هكذا تصنع منظومة رقمية تسيطر على السوق… لا مجرد شركة.
محمد العبار لم يكن مهندسًا تقنيًا، ولا مبرمجًا عبقريًا. لكنه كان رجل رؤية، قرأ احتياج السوق، وتجرأ على دخول منطقة غير مريحة، وبنى مشروعًا عربيًا ينافس أقوى الأسماء العالمية.
وإذا كنت تفكر في بناء مشروع رقمي ناجح، فلا تبدأ بالكود فقط… بل بالفكرة التي تستحق أن تُبنى، والخدمة التي لا يستطيع غيرك أن يقدمها كما يجب.